ماذا تعرف عن البرلمان الجزائري؟

البرلمان ''يلتهم''
600 مليار سنويا ويتخصص في الأسئلة الشفوية والأيام الدراسية
بطالة للنواب وتقاعد إجباري لـ''شيوخ'' مجلس
الأمة

تحول
البرلمان في دورته الربيعية الحالية إلى مسرح لطرح الأسئلة الشفوية وعقد
الأيام البرلمانية لملء الفراغ الحاصل في عمله التشريعي، بالإضافة إلى
انشغال رئيسي غرفتيه السفلى والعليا -المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة على
التوالي- بأداء مهام خارج الوطن هي من اختصاص السلطة التنفيذية.
حطمت المؤسسة التشريعية الرقم القياسي في معدلات البطالة المسجلة في أوساط
نوابها وأعضائها، وبدل أن تشتغل بالتشريع ومراقبة أداء الحكومة من خلال
لجان التحقيق الميدانية والضغط على الطاقم الحكومي من أجل التعاطي الفعال
والإيجابي مع مشاكل المواطنين، فضلوا ترك هذه المهمة إلى موظفي البرلمان
الذين استغلوا الفراغ المحدث لإجبار إدارتهم بسن قانون أساسي يحمي مسيرتهم
المهنية وحقوقهم الاجتماعية لما بعد التقاعد.
ولا يمكن تفسير هذه الوضعية إلا بحالة الجمود والانسداد السياسي الملاحظ في
أغلب المؤسسات الرسمية. ولأن جل أعمال البرلمان مرهونة بما يصدره رئيس
الجمهورية من تشريعات يتم تبنيها والمصادقة عليها في اجتماعات مجلس
الوزراء، من جهة، ومن جهة ثانية، ارتهان العمل البرلماني بالتصديق عليها
كما هي باستثناء تعديلات شكلية عليها، فإن المراقبين يتساءلون عن جدوى
مؤسسة تستهلك ما لا يقل عن 600 مليار سنتيم سنويا.
ويعزو العديد من المحللين هذا الوضع إلى تنازل البرلمان مضطرا عن صلاحياته
للجهاز الحكومي الذي يضطلع وحده بمهمة التشريع. لكن أين دور الأحزاب
الممثلة في المؤسسة التشريعية؟.. باستثناء التجمع من أجل الثقافة
والديمقراطية، فإن باقي التشكيلات الأخرى الممثلة في البرلمان فضلت النزول
في وقت واحد -ما يؤكد تلقي زعمائها إيعاز بذلك- إلى الولايات للاستفادة من
التغطية الإعلامية التلفزيونية.
وباستثناء برمجة مكتب المجلس الشعبي الوطني لمشروعي قانوني المحاسب وموظفي
البرلمان، وحزمة جديدة من الأسئلة الشفوية التي ظلت لأشهر طويلة في أدراج
الوزراء، فإن مصير دورة الربيع الحالية تتجه إلى نفس النهاية التي انتهت
بها دورة الخريف، التي وصفت بأنها أفقر الدورات من حيث عدد مشاريع القوانين
التي تمت مناقشتها واقتصارها على قانون مالية 2010 الذي مر مرور الكرام.
وبشهادة العديد من النواب، فإنهم باتوا يزهدون في حضور الجلسات، بسبب
''انشغال الجزائر حكومة وشعبا'' بتبعات التأهل إلى المونديال وما يعيشه
الشارع السياسي وغير السياسي بهذا الحدث وما رافقه من أزمة في العلاقة بين
الجزائر ومصر بسب المباراة المؤهلة في القاهرة وأم درمان السودانية.
ولحسن حظ البرلمان أنه وجد من ينتقد أداءه ومن داخله، على شاكلة حزب العمال
الذي يجمع التوقيعات ليقدمها لرئيس الجمهورية بغية حله، وما قام به حزب
سعيد سعدي (الأرسيدي) الذي دعا البرلمان بفتح نقاش عام حول عدة قضايا مثيرة
للجدل والتي تتصدرها قضايا الفساد التي تفجرت الصيف الماضي في قطاعات
الصيد والأشغال العامة والطاقة والتي تورط فيها كبار المسؤولين دون أن يحرك
البرلمان ساكنا.